الانبا ساويرس ابن المقفع++الجزء الثانى
صفحة 1 من اصل 1
الانبا ساويرس ابن المقفع++الجزء الثانى
كتبت الجريدة الطيبية فى شهر أكتوبر 2006 م نقلاً عن مجلة روز إليوسف عن
مخطوطة تاريخ مصر فقالت : القاهرة (رويترز) – ربما تؤدي مخطوطة (تاريخ
البطاركة) للمؤرخ المصري ساويرس ابن المقفع التي تسجل أحداثا ووقائع
تزامنت أو أعقبت دخول العرب مصر في القرن السابع الميلادي الى اهتزاز
الصورة التي يحاول بعض المؤرخين المصريين والمسلمين تثبيتها حول سماحة
المسلمين وتولي الاقباط مناصب عليا في ادارة الدولة.
والمخطوطة التي
أعدها وشرحها الباحث المصري عبد العزيز جمال الدين في كتاب موسوعي عنوانه
(تاريخ مصر) تضيء جوانب أخرى من الصورة عبر تتبع سياسات الولاة وتعاملهم
مع المصريين الذين توالت ثوراتهم اعتراضا على المغالاة في الضرائب والجزية
التي لم تكن تنتهي بعض أشكالها تماما حتى لو دخلوا الاسلام.
ويقع
الكتاب الذي أصدرته مكتبة مدبولي بالقاهرة في 5970 صفحة كبيرة القطع توزعت
على ستة مجلدات تحت عنوان فرعي شارح هو "من بدايات القرن الاول الميلادي
حتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن
المقفع".
واستعان جمال الدين في التعليق على مخطوطة ساويرس بهوامش
استند فيها الى ما كتبه عرب وأجانب في التاريخ المصري منهم البريطاني
ألفريد جي. بتلر مؤلف كتابي (فتح العرب لمصر) و/الكنائس القبطية القديمة
في مصر/ ومحمد بن يوسف الكندي مؤلف كتاب (ولاة مصر) ويوحنا النقيوسي مؤلف
كتاب (تاريخ العالم القديم) اضافة الى مؤلفات متنوعة لاخرين منهم ابن اياس
وابن عبد الحكم والواقدي والطبري والمقريزي وأحمد أمين وجورجي زيدان.
وتساءل
جمال الدين في مقدمة الجزء الاول.. من أين يبدأ التاريخ ومن الذي يصنعه
وكيف حصلنا على اثاره ومدوناته.. مشيرا الى أن المصريين أول من أقاموا
الدولة الواحدة في التاريخ حينها بدأ "تاريخ البشرية الذي صنعه المصريون
منذ سبعة الاف سنة على ضفاف نيلهم وسجلوه كتابة على جدران المعابد
والمسلات والاضرحة والاهرامات والتوابيت وأرواق البردي...التاريخ من
الاعمال الادبية والفنية الرائعة التي أسسها المصريون."
وقال ان مخطوطة
(تاريخ البطاركة) لابن المقفع تعد أكبر المخطوطات من حيث الفترة التاريخية
التي تغطيها "فهي المخطوطة الوحيدة التي تغطي تاريخ مصر منذ الاحتلال
الروماني...معظم مؤرخي مصر يتجاهلونها" لاسباب منها الظن بأنها تخص تاريخ
الكنيسة المصرية معزولا عن التاريخ المصري.
وأضاف أن كاتب المخطوطة
اسمه ساوري وولد عام 915 من أب لقب بالمقفع على غرار عبد الله بن المقفع
مترجم كتاب (كليلة ودمنة) وأن حرف السين الذي ألحق باسم ساوري من اللواحق
المقدونية وأنه كان كاتبا بارزا في الجهاز الاداري وترقى لاعلى المناصب ثم
تخلى عن وظيفته ليترهبن في أحد الاديرة وأتقن في ظل الرهبنة علوم الكتاب
المقدس وألف فيها كتبا بالعربية منها (الدر الثمين في ايضاح الاعتقاد في
الدين) حيث "أحصى الناشر الالماني لهذا الكتاب 191 مرجعا لاباء الكنيسة
سوى نصوص أخرى لم يعتبرها من التراث الابائي" مشيرا الى أنه كان يترجم من
اللغة القبطية الى العربية
وقال جمال الدين ان أهمية كتاب ساويرس أنه
تعرض خلال تراجم البطاركة لتاريخ العصور الوسطى وركز على مصر وبين "كيف تم
غزوها على يد العرب ثم كيف كانت معاملة العرب للمصريين من النواحي الدينية
والمالية والاجتماعية والادارية كما يشيد بتسامح الخلفاء الفاطميين (اذ)
أصبح جميع مقدمي المملكة والناظرين في دواوينها وتدبير أمورها كلهم نصارى."
وقال
جمال الدين ان تراجم البطاركة بين عامي 611 و849 والتي صنفها وجمعها
ساويرس كانت بمثابة تقويم أو يوميات للكنيسة اذ كانت تعتمد على المشاهدات
والاتصال بأبطال الحوادث وأنه "منذ الغزو العربي لمصر يصبح تاريخ البطاركة
أكثر اكتمالا وأعظم أهمية اذ يدون الاخبار ويكتب التراجم كتبة معاصرون...
ويهدف ساويرس من تراجم البطاركة وسيرهم الى غرض ديني بحت وهو تمجيد الدين
المسيحي والاشادة بالمذهب الارثوذكسي أو كما يسميه ساويرس الامانة
المستقيمة."
ويقول ساويرس في المخطوطة انه بعد موت يزيد بن معاوية قام
"ملك اسمه مروان (بن الحكم) ثار مثل الاسد اذا خرج من الغابة جايعا يأكل
ويدوس الباقي برجليه. هذا ملك الشرق وفسطاط مصر وولى أولاده كل الكور.
الكبير منهم اسمه عبد الملك دفع له دمشق والثاني عبد العزيز دفع له مصر.
وكان خوف عظيم بين مروان وبين المصريين لانهم كانوا يترجون وصول انسان اخر
اسمه ابن الزبير."
وتولى معاوية بن يزيد الخلافة بعد أبيه عام 683 ثم خلع نفسه بعد بضعة أشهر.
وقال
جمال الدين ان الامويين رأوا تعيين مروان بن الحكم (683 - 685) الذي أرسل
جيشا تحت قيادة ابنه عبد العزيز "لغزو مصر في العام التالي."
ويروي
ساويرس كيف شن ملك دنقلة حملة عسكرية على مصر وصلت الى جنوب الفسطاط بسبب
اعتقال أحد البطاركة على يد عبد الملك بن مروان وأن ملك النوبة سار "يريد
ديار مصر في عسكر عظيم فيه ماية ألف فارس بماية ألف فرس وماية ألف جمل.
ونزلوا في بركة الحبش (جنوبي القاهرة) نهبو وسبو المسلمين وقد كانو فعلوا
ذلك بمسلمي الصعيد... وكانو المسلمون يسرقون أهالي النوبة ويبيعهم بمصر."
ويضيف
أن "ديار مصر لم تجد طمأنينة ولا راحة في أيام مملكة عبد الملك لانه لم
يكن من جنس ملوك الاسماعيليين (المسلمين) وصنع في الديارات ما لا يجوز
لبغضته للنصارى."
كما يروي ساويرس واقعة اعتبرها جمال الدين نادرة في
كتب التاريخ وهي أن "الشيخ أبو مسلم" الخراساني في صراعه شرقي العراق مع
اخر الخلفاء الامويين مروان بن محمد طلب أن يصنع عسكره "صلبانا من كل نوع
ويجعلوهم قدامهم وقال لهم.. ان هذا هو الذي أعطانا الله الغلبة به... أما
مروان فكان يطرح النار في كل موضع يصله وهو منهزم" في اشارة الى حرقه
البلاد التي ينسحب منها منهزما حتى لا يستفيد منها الخراساني.
وأشار
جمال الدين الى مزج ساويرس بين الدين والتاريخ واعتقاده بالخرافات وكرامات
بعض البطاركة مقارنا بينه وبين غيره من المؤرخين "ومما يزيد في قيمة كتاب
ساويرس أنه يبين منذ غزو العرب لمصر وجهة نظر المصريين نحو الحكومات
الاسلامية المتتالية."
وأضاف أن ساويرس سجل أن الاقباط شغلوا كثيرا من
الوظائف المالية والادارية العليا وازداد نفوذهم في ظل السلطة الاسلامية
حيث أصبح بعضهم وزراء "بسبب عدم كفاءة الجهاز الاداري الاسلامي وحاجته الى
خبرات غير المسلمين في ادارته. وكان هذا يؤدي في بعض الاحيان الى احتجاج
فقهاء الدين وثورة المسلمين."
وأضاف أن ولاية قرة بن شريك شهدت هروبا
من الارض والفلاحة وأن ابن شريك حتى وفاته عام 714 كان "يتشدد في قمع تلك
الحركة والقضاء عليها" وأنشأ هيئة خاصة مسلحة لاعادتهم وأن المصريين كانوا
يهربون من الضرائب والجزية.
وقال ان ساويرس "هو المؤرخ الوحيد الذي كتب
وفصل لنا الكلام عن حركة الهروب. تلك الحركة التي تنطوي علي مقاومة
المصريين لسلطة العرب مقاومة سلبية بعدما أصبح الالتجاء الى الاديرة وسلوك
سلك الرهبنة لا يعفيهم من الالتزامات المالية منذ خلافة عبد الملك بن
مروان (685 - 705) وولاية أخيه عبد العزيز (684 - 705) على مصر."
وأضاف
أن الخليفة العباسي الاول أبا العباس الملقب بالسفاح أعفى من الجزية من
يعتنق الاسلام الذي دخله كثيرون "بسبب فداحة الجزية" لكنه في الوقت نفسه
أضاف ما كان يدفعه الذين اعتنقوا الاسلام "على من لم يسلم مما زاد فداحة
الاموال التي كان يدفعها المصريون القبط... يتضح لنا مما كتبه ساويرس أن
العامل المالي من أهم العوامل التي حولت أغلبية الاقباط الى الدين
الاسلامي."
وقال جمال الدين ان المسيحيين بدأوا منذ عام 725 في التخلي
عن المقاومة السلبية "وأخذوا يقاومون سلطة العرب مقاومة ايجابية وذلك
بالقيام بالثورات العلنية ضدهم. والمعروف أن العرب بعد احتلالهم مصر فرضوا
على المصريين الجزية وعلى أراضيهم الخراج في الوقت الذي عاملوا فيه
الاراضي التي نهبتها قبائلهم البدوية بنظام الزكاة أي تحصيل العشر...
وأصبح المصري اذا اعتنق الاسلام لا تعفى أرضه من الخراج حتى لو أسقطت عنه
الجزية. كأن الارض ظلت كافرة رغم اسلام صاحبها."
وأشار الى أن ثورة
المصريين على سلطة العرب نتيجة المطالب المالية "المجحفة" مذكورة بتفصيل
موسع في كتابات مؤرخي مصر المسلمين "فيما لا يفصل فيه مؤرخ البطاركة."
وأوضح
أن الثورات كانت بسبب الضرائب والجزية واعتراضا على استخدام القوة في
جبايتها ولم تكن بدافع وطني مرجحا أن يكون ضعف الشعور الوطني لدى المصريين
قد أعان الحكام على القضاء على تلك الحركات.
وقال ان الحكومات كانت
تواجه تلك الثورات بالقسوة والعنف واخرها "وأعظمها تلك التي انتهت عام 832
بمجيء المأمون وابادته للثائرين... كان يتبع اخماد تلك في العادة تحول عدد
كبير من الاقباط الى الدين الاسلامي."
*****************************
أنيس
منصور ومقالته التالية نشرت فى الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية بتاريخ
السبـت 15 ربيـع الثانـى 1427 هـ 13 مايو 2006 العدد 10028
سفاح يجمع الضرائب لأسباب نبيلة؟!
آليت
على نفسي أن أزيل هذه الإهانة، فوراء الشارع الذي أسكنه شارع يحمل اسم
«قرة بن شريك»، وهو أحد الولاة على مصر، وقد عينه الوليد بن عبد الملك،
وكانت عنده تعليمات واضحة بأن يجمع الضرائب من المصريين ثلاث سنوات
مقدماً، لأن الوليد قرر أن يبني المسجد الأقصى، وبناه في سنة 91 هجرية،
وبنى أيضاً مسجد الصخرة أو مسجد عمر بفلوس المصريين.
أما كيف جمع هذه
الفلوس فمن الجزية التي فرضها على أقباط مصر، وقد استخدم الكرباج والطرد
والسجن والتجويع، وكان الذي لا يدفع الجزية من الأقباط يكويه بالنار، وتظل
علامات الكي دليلاً على أنه قبطي وعلى أنه رافض، أو رفض بعض الوقت أن يدفع
الجزية، ثم دفعها صاغراً، وقد هرب الفلاحون من الأرض، تركوها حتى بارت،
وتركوا حيواناتهم أيضاً، وأعادهم «قرة بن شريك» في السلاسل إلى أرضهم
يعملون حتى الموت، ولا بد من دفع الضريبة أو الجزية، ومن هذه الأموال التي
أكره المصريين على دفعها بنى المسجد الأقصى ومسجد عمر أيضاً.
وقد ظهر
في الأسبوع الماضي كتاب ضخم اسمه «تاريخ مصر» أو على الأصح تاريخ أقباط
مصر من تأليف «ساويرس ابن المقفع»، وفي هذا الكتاب تعرض المؤلف إلى مذابح
«قرة بن شريك» وكيف أن هذا الوالي السفاح تفنن في تعذيب الفلاح المصري،
وكيف خطف اللقمة من فمه والرداء من عليه وتركه في العراء، إلا إذا دفع
المبلغ الخرافي، أما كيف يأتي بالمال فهذا شأنه، بأن يبيع أرضه وعرضه
وأولاده وحيواناته، المهم أن يدفع، وأهم من ذلك يكنز «قرة بن شريك» هذه
الأموال ويبعث بها للخليفة لعله يرضى، وقد رضي عنه الخليفة، وحاول
المصريون أكثر من مرة اغتيال «قرة بن شريك»، وفشلوا في القضاء عليه، ولما
أوفد المصريون من يتظلم، ووقف المندوب لا يطلب رد القضاء وإنما اللطف فيه،
ولم يكمل عبارة واحدة حتى طار رأسه عبرة لكل من تحدثه نفسه أن يعترض.
ولا بد من إزالة اسم هذا السفاح من شوارع مصر مهما كانت صعوبة تغيير العقود والسجلات المدنية لكل العقارات والمحلات التجارية.
************************************************** *******
مخطوطة تاريخ مصر فقالت : القاهرة (رويترز) – ربما تؤدي مخطوطة (تاريخ
البطاركة) للمؤرخ المصري ساويرس ابن المقفع التي تسجل أحداثا ووقائع
تزامنت أو أعقبت دخول العرب مصر في القرن السابع الميلادي الى اهتزاز
الصورة التي يحاول بعض المؤرخين المصريين والمسلمين تثبيتها حول سماحة
المسلمين وتولي الاقباط مناصب عليا في ادارة الدولة.
والمخطوطة التي
أعدها وشرحها الباحث المصري عبد العزيز جمال الدين في كتاب موسوعي عنوانه
(تاريخ مصر) تضيء جوانب أخرى من الصورة عبر تتبع سياسات الولاة وتعاملهم
مع المصريين الذين توالت ثوراتهم اعتراضا على المغالاة في الضرائب والجزية
التي لم تكن تنتهي بعض أشكالها تماما حتى لو دخلوا الاسلام.
ويقع
الكتاب الذي أصدرته مكتبة مدبولي بالقاهرة في 5970 صفحة كبيرة القطع توزعت
على ستة مجلدات تحت عنوان فرعي شارح هو "من بدايات القرن الاول الميلادي
حتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن
المقفع".
واستعان جمال الدين في التعليق على مخطوطة ساويرس بهوامش
استند فيها الى ما كتبه عرب وأجانب في التاريخ المصري منهم البريطاني
ألفريد جي. بتلر مؤلف كتابي (فتح العرب لمصر) و/الكنائس القبطية القديمة
في مصر/ ومحمد بن يوسف الكندي مؤلف كتاب (ولاة مصر) ويوحنا النقيوسي مؤلف
كتاب (تاريخ العالم القديم) اضافة الى مؤلفات متنوعة لاخرين منهم ابن اياس
وابن عبد الحكم والواقدي والطبري والمقريزي وأحمد أمين وجورجي زيدان.
وتساءل
جمال الدين في مقدمة الجزء الاول.. من أين يبدأ التاريخ ومن الذي يصنعه
وكيف حصلنا على اثاره ومدوناته.. مشيرا الى أن المصريين أول من أقاموا
الدولة الواحدة في التاريخ حينها بدأ "تاريخ البشرية الذي صنعه المصريون
منذ سبعة الاف سنة على ضفاف نيلهم وسجلوه كتابة على جدران المعابد
والمسلات والاضرحة والاهرامات والتوابيت وأرواق البردي...التاريخ من
الاعمال الادبية والفنية الرائعة التي أسسها المصريون."
وقال ان مخطوطة
(تاريخ البطاركة) لابن المقفع تعد أكبر المخطوطات من حيث الفترة التاريخية
التي تغطيها "فهي المخطوطة الوحيدة التي تغطي تاريخ مصر منذ الاحتلال
الروماني...معظم مؤرخي مصر يتجاهلونها" لاسباب منها الظن بأنها تخص تاريخ
الكنيسة المصرية معزولا عن التاريخ المصري.
وأضاف أن كاتب المخطوطة
اسمه ساوري وولد عام 915 من أب لقب بالمقفع على غرار عبد الله بن المقفع
مترجم كتاب (كليلة ودمنة) وأن حرف السين الذي ألحق باسم ساوري من اللواحق
المقدونية وأنه كان كاتبا بارزا في الجهاز الاداري وترقى لاعلى المناصب ثم
تخلى عن وظيفته ليترهبن في أحد الاديرة وأتقن في ظل الرهبنة علوم الكتاب
المقدس وألف فيها كتبا بالعربية منها (الدر الثمين في ايضاح الاعتقاد في
الدين) حيث "أحصى الناشر الالماني لهذا الكتاب 191 مرجعا لاباء الكنيسة
سوى نصوص أخرى لم يعتبرها من التراث الابائي" مشيرا الى أنه كان يترجم من
اللغة القبطية الى العربية
وقال جمال الدين ان أهمية كتاب ساويرس أنه
تعرض خلال تراجم البطاركة لتاريخ العصور الوسطى وركز على مصر وبين "كيف تم
غزوها على يد العرب ثم كيف كانت معاملة العرب للمصريين من النواحي الدينية
والمالية والاجتماعية والادارية كما يشيد بتسامح الخلفاء الفاطميين (اذ)
أصبح جميع مقدمي المملكة والناظرين في دواوينها وتدبير أمورها كلهم نصارى."
وقال
جمال الدين ان تراجم البطاركة بين عامي 611 و849 والتي صنفها وجمعها
ساويرس كانت بمثابة تقويم أو يوميات للكنيسة اذ كانت تعتمد على المشاهدات
والاتصال بأبطال الحوادث وأنه "منذ الغزو العربي لمصر يصبح تاريخ البطاركة
أكثر اكتمالا وأعظم أهمية اذ يدون الاخبار ويكتب التراجم كتبة معاصرون...
ويهدف ساويرس من تراجم البطاركة وسيرهم الى غرض ديني بحت وهو تمجيد الدين
المسيحي والاشادة بالمذهب الارثوذكسي أو كما يسميه ساويرس الامانة
المستقيمة."
ويقول ساويرس في المخطوطة انه بعد موت يزيد بن معاوية قام
"ملك اسمه مروان (بن الحكم) ثار مثل الاسد اذا خرج من الغابة جايعا يأكل
ويدوس الباقي برجليه. هذا ملك الشرق وفسطاط مصر وولى أولاده كل الكور.
الكبير منهم اسمه عبد الملك دفع له دمشق والثاني عبد العزيز دفع له مصر.
وكان خوف عظيم بين مروان وبين المصريين لانهم كانوا يترجون وصول انسان اخر
اسمه ابن الزبير."
وتولى معاوية بن يزيد الخلافة بعد أبيه عام 683 ثم خلع نفسه بعد بضعة أشهر.
وقال
جمال الدين ان الامويين رأوا تعيين مروان بن الحكم (683 - 685) الذي أرسل
جيشا تحت قيادة ابنه عبد العزيز "لغزو مصر في العام التالي."
ويروي
ساويرس كيف شن ملك دنقلة حملة عسكرية على مصر وصلت الى جنوب الفسطاط بسبب
اعتقال أحد البطاركة على يد عبد الملك بن مروان وأن ملك النوبة سار "يريد
ديار مصر في عسكر عظيم فيه ماية ألف فارس بماية ألف فرس وماية ألف جمل.
ونزلوا في بركة الحبش (جنوبي القاهرة) نهبو وسبو المسلمين وقد كانو فعلوا
ذلك بمسلمي الصعيد... وكانو المسلمون يسرقون أهالي النوبة ويبيعهم بمصر."
ويضيف
أن "ديار مصر لم تجد طمأنينة ولا راحة في أيام مملكة عبد الملك لانه لم
يكن من جنس ملوك الاسماعيليين (المسلمين) وصنع في الديارات ما لا يجوز
لبغضته للنصارى."
كما يروي ساويرس واقعة اعتبرها جمال الدين نادرة في
كتب التاريخ وهي أن "الشيخ أبو مسلم" الخراساني في صراعه شرقي العراق مع
اخر الخلفاء الامويين مروان بن محمد طلب أن يصنع عسكره "صلبانا من كل نوع
ويجعلوهم قدامهم وقال لهم.. ان هذا هو الذي أعطانا الله الغلبة به... أما
مروان فكان يطرح النار في كل موضع يصله وهو منهزم" في اشارة الى حرقه
البلاد التي ينسحب منها منهزما حتى لا يستفيد منها الخراساني.
وأشار
جمال الدين الى مزج ساويرس بين الدين والتاريخ واعتقاده بالخرافات وكرامات
بعض البطاركة مقارنا بينه وبين غيره من المؤرخين "ومما يزيد في قيمة كتاب
ساويرس أنه يبين منذ غزو العرب لمصر وجهة نظر المصريين نحو الحكومات
الاسلامية المتتالية."
وأضاف أن ساويرس سجل أن الاقباط شغلوا كثيرا من
الوظائف المالية والادارية العليا وازداد نفوذهم في ظل السلطة الاسلامية
حيث أصبح بعضهم وزراء "بسبب عدم كفاءة الجهاز الاداري الاسلامي وحاجته الى
خبرات غير المسلمين في ادارته. وكان هذا يؤدي في بعض الاحيان الى احتجاج
فقهاء الدين وثورة المسلمين."
وأضاف أن ولاية قرة بن شريك شهدت هروبا
من الارض والفلاحة وأن ابن شريك حتى وفاته عام 714 كان "يتشدد في قمع تلك
الحركة والقضاء عليها" وأنشأ هيئة خاصة مسلحة لاعادتهم وأن المصريين كانوا
يهربون من الضرائب والجزية.
وقال ان ساويرس "هو المؤرخ الوحيد الذي كتب
وفصل لنا الكلام عن حركة الهروب. تلك الحركة التي تنطوي علي مقاومة
المصريين لسلطة العرب مقاومة سلبية بعدما أصبح الالتجاء الى الاديرة وسلوك
سلك الرهبنة لا يعفيهم من الالتزامات المالية منذ خلافة عبد الملك بن
مروان (685 - 705) وولاية أخيه عبد العزيز (684 - 705) على مصر."
وأضاف
أن الخليفة العباسي الاول أبا العباس الملقب بالسفاح أعفى من الجزية من
يعتنق الاسلام الذي دخله كثيرون "بسبب فداحة الجزية" لكنه في الوقت نفسه
أضاف ما كان يدفعه الذين اعتنقوا الاسلام "على من لم يسلم مما زاد فداحة
الاموال التي كان يدفعها المصريون القبط... يتضح لنا مما كتبه ساويرس أن
العامل المالي من أهم العوامل التي حولت أغلبية الاقباط الى الدين
الاسلامي."
وقال جمال الدين ان المسيحيين بدأوا منذ عام 725 في التخلي
عن المقاومة السلبية "وأخذوا يقاومون سلطة العرب مقاومة ايجابية وذلك
بالقيام بالثورات العلنية ضدهم. والمعروف أن العرب بعد احتلالهم مصر فرضوا
على المصريين الجزية وعلى أراضيهم الخراج في الوقت الذي عاملوا فيه
الاراضي التي نهبتها قبائلهم البدوية بنظام الزكاة أي تحصيل العشر...
وأصبح المصري اذا اعتنق الاسلام لا تعفى أرضه من الخراج حتى لو أسقطت عنه
الجزية. كأن الارض ظلت كافرة رغم اسلام صاحبها."
وأشار الى أن ثورة
المصريين على سلطة العرب نتيجة المطالب المالية "المجحفة" مذكورة بتفصيل
موسع في كتابات مؤرخي مصر المسلمين "فيما لا يفصل فيه مؤرخ البطاركة."
وأوضح
أن الثورات كانت بسبب الضرائب والجزية واعتراضا على استخدام القوة في
جبايتها ولم تكن بدافع وطني مرجحا أن يكون ضعف الشعور الوطني لدى المصريين
قد أعان الحكام على القضاء على تلك الحركات.
وقال ان الحكومات كانت
تواجه تلك الثورات بالقسوة والعنف واخرها "وأعظمها تلك التي انتهت عام 832
بمجيء المأمون وابادته للثائرين... كان يتبع اخماد تلك في العادة تحول عدد
كبير من الاقباط الى الدين الاسلامي."
*****************************
أنيس
منصور ومقالته التالية نشرت فى الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية بتاريخ
السبـت 15 ربيـع الثانـى 1427 هـ 13 مايو 2006 العدد 10028
سفاح يجمع الضرائب لأسباب نبيلة؟!
آليت
على نفسي أن أزيل هذه الإهانة، فوراء الشارع الذي أسكنه شارع يحمل اسم
«قرة بن شريك»، وهو أحد الولاة على مصر، وقد عينه الوليد بن عبد الملك،
وكانت عنده تعليمات واضحة بأن يجمع الضرائب من المصريين ثلاث سنوات
مقدماً، لأن الوليد قرر أن يبني المسجد الأقصى، وبناه في سنة 91 هجرية،
وبنى أيضاً مسجد الصخرة أو مسجد عمر بفلوس المصريين.
أما كيف جمع هذه
الفلوس فمن الجزية التي فرضها على أقباط مصر، وقد استخدم الكرباج والطرد
والسجن والتجويع، وكان الذي لا يدفع الجزية من الأقباط يكويه بالنار، وتظل
علامات الكي دليلاً على أنه قبطي وعلى أنه رافض، أو رفض بعض الوقت أن يدفع
الجزية، ثم دفعها صاغراً، وقد هرب الفلاحون من الأرض، تركوها حتى بارت،
وتركوا حيواناتهم أيضاً، وأعادهم «قرة بن شريك» في السلاسل إلى أرضهم
يعملون حتى الموت، ولا بد من دفع الضريبة أو الجزية، ومن هذه الأموال التي
أكره المصريين على دفعها بنى المسجد الأقصى ومسجد عمر أيضاً.
وقد ظهر
في الأسبوع الماضي كتاب ضخم اسمه «تاريخ مصر» أو على الأصح تاريخ أقباط
مصر من تأليف «ساويرس ابن المقفع»، وفي هذا الكتاب تعرض المؤلف إلى مذابح
«قرة بن شريك» وكيف أن هذا الوالي السفاح تفنن في تعذيب الفلاح المصري،
وكيف خطف اللقمة من فمه والرداء من عليه وتركه في العراء، إلا إذا دفع
المبلغ الخرافي، أما كيف يأتي بالمال فهذا شأنه، بأن يبيع أرضه وعرضه
وأولاده وحيواناته، المهم أن يدفع، وأهم من ذلك يكنز «قرة بن شريك» هذه
الأموال ويبعث بها للخليفة لعله يرضى، وقد رضي عنه الخليفة، وحاول
المصريون أكثر من مرة اغتيال «قرة بن شريك»، وفشلوا في القضاء عليه، ولما
أوفد المصريون من يتظلم، ووقف المندوب لا يطلب رد القضاء وإنما اللطف فيه،
ولم يكمل عبارة واحدة حتى طار رأسه عبرة لكل من تحدثه نفسه أن يعترض.
ولا بد من إزالة اسم هذا السفاح من شوارع مصر مهما كانت صعوبة تغيير العقود والسجلات المدنية لكل العقارات والمحلات التجارية.
************************************************** *******
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى